نشر في الخميس ٠٤ أبريل ٢٠١٣ – جريدة الاتحاد
تواجه الدولة الحديثة العديد من التحديات في بناء مؤسساتها وتطوير خدماتها، وبالذات نتيجة للتوقعات الكبيرة من قبل مواطنيها، وكل ذلك يمكن التعامل معه من خلال التخطيط السليم وحسن إدارة الموارد المتاحة. ولكن أخطر ما يمكن أن تواجهه الدول هو الإرهاب بمختلف أنواعه الفكرية والمادية، لأن التخطيط لمواجهته يعد في غاية الصعوبة، بسبب كون الإرهاب مثل الشبح لا يمكن الإمساك به بسهولة، ولا التنبؤ بمتى يقوم بضربته، ولهذا فإن من الأجدى التعامل مع أسباب نشوء الإرهاب والحيلولة دون حدوث ذلك وبالذات أننا كعرب أصبح البعض يربط الإرهاب بنا، ويعتبره جزءاً من ثقافتنا وهويتنا، وذلك نتيجة لأن العديد من الأعمال الإرهابية أصبحت تتكرر يومياً في العديد من بلداننا، أو أن بعض العرب يتبنى بعض الأعمال الإرهابية التي تقع في الغرب أو يفرح ويبتهج لوقوعها. وللأسف أن بعض ذلك يحدث باسم الإسلام مما يسيء إليه، ويشوه دين الرحمة والسماحة، ويسبب ضرراً بالغاً لأتباعه. إن الإرهاب بمختلف أنواعه ترفضه الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية مهما كانت أسبابه ومبرراته، ويجب على الجميع التكاتف للقضاء عليه والوقوف في وجهه.
ولكن السؤال هنا: لماذا يظهر الإرهاب بأرضنا وما هي أسباب ذلك؟ ومن يقف وراء ذلك؟ ومن له مصلحة في تدمير عملية التنمية في بلداننا من خلال مساندته للإرهاب؟ لاشك أن هناك أسباباً داخلية وأخرى خارجية وراء كل ذلك. فمن الأسباب الداخلية الفساد والفقر والتخلف والاستبداد والظلم، التي لابد من معالجتها بجدية وحزم أينما وجدت. وأما الأسباب الخارجية ففي تصوري أنها هي حقيقة صانعة الإرهاب بأرضنا، وأنها حرب خفية تواجه الدول بأبنائها كحرب بالنيابة عنها، ولذلك تزرع في بلداننا بسياستها بذور الإرهاب وأسبابه، وأوضح مثال على ذلك ما يحدث للشعب السوري الآن، الذي خرج بسلمية يطلب حرية وعدالة وتنمية فقابله نظام الأسد بحرب إبادة لا تفرق بين طفل وامرأة وشيخ، مما اضطره إلى طلب المساعدة باسم الإنسانية من العالم الخارجي للدفاع عن الأبرياء وحماية المدنيين، وأطلق من أجل ذلك العديد من الصيحات التي قوبلت بالوعود الجوفاء والتعاطف السلبي، وبالذات من الغرب، وطال انتظار الشعب السوري للدعم ممن ينادون بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهو يرى يومياً العشرات من الرجال والنساء والأطفال يقتلون أو يذبحون كالنعاج، ثم تجد بعد ذلك من يخاطبك من الغرب بأن هناك مجموعات إرهابية قد تسللت إلى سوريا، وأن على المعارضة السورية التصدي لها!
إن هناك من يريد أن يصنع الإرهاب بسوريا ولكنه بالتأكيد ليس الشعب السوري الذي يتطلع للعيش بأمن وسلام، والذي يحلم بتنمية ورخاء. إن من يريد التصدي للإرهاب على الأرض السورية عليه أولاً توفير الحماية للشعب السوري من القتل والتدمير، وتوفير الدعم اللازم له للتخلص من نظامه، وعندما يتحقق ذلك فلن تجد موطئاً للإرهاب على الأرض السورية.
المصدر: جريدة الاتحاد